لا تستهن بالمرأة الفلسطينية...

نساء حماس أظهرن صلابة تحتذى في مواجهة الاحتلال

غزة- كارم الغرابلي:

نجاح حركة المقاومة الإسلامية حماس في مختلف الأصعدة كان له العديد من الأسباب؛ بعضها أسباب بشرية، والأخرى أسباب عقائدية ومنهجية، وفيما يتعلق بالجانب البشري كان لحماس السبق في العديد من الأمور؛ لعل أبرزها تقديم النساء كمجاهدات ومقاومات أمام الاحتلال الصهيوني، ثم تقديمهن شهيداتٍ لنصرة قضيتهن.

وقد لعبت نساء حماس دورًا كبيرًا في تقدم الحركة، وكنَّ جنبًا إلي جنب بجوار أزواجهن وآبائهن وأبنائهن وإخوانهن، ليتقدَّمن بالحركة خطوةً تلو الأخرى، ليشكِّلن ما عُرِفَ بجيش "نساء حماس"، وفي هذا التقرير نرصد بعضًا مما قدمته نساء حماس للحركة..

لقد اهتمت الحركة منذ نشأتها بالعنصر النسوي فكانت دائمًا تعمل على حشده وتطويره حتى تشكَّلت الكتلة الإسلامية، ومن ثم أصبح للحركة النسوية الإسلامية مؤسساتها وإعلامها وندواتها جنبًا إلى جنب مع رجال حماس في تطوير الحركة التي احتفلت في الرابع عشر من الشهر الجاري بانطلاقتها الحادية والعشرين.

وشهد الجميع بدون استثناء بدور المرأة في تطوير الحركة؛ حيث خاضت كافة المجالات الاجتماعية والتربوية حتى وصلت للمجالات الإعلامية والجهادية وأخيرًا السياسية.

مريم فرحات (أم نضال)

وتعتبر تجربة حركة حماس في فرز نائبات للتشريعي هي الأولى في العمل السياسي التشريعي؛ بعد أن خُضن مجال العمل الاجتماعي والتربوي، وأَجدْن فيهما بشهادة كثيرين، فأصبح للحركة ست نائبات في التشريعي هن: جميلة الشنطي، مريم فرحات، سميرة الحلايقة، منى منصور، هدى نعيم، مريم صالح؛ حيث شغلت الأخيرة منصب وزيرة شئون المرأة في الحكومة العاشرة، بينما تعتبر مريم فرحات "خنساء فلسطين" نموذجًا للتضحية والفداء، ووصلت للتشريعي بعد استشهاد ثلاثة من أبنائها ودَّعت الأخير منهم لعملية استشهادية، فكانت مثالاً للعطاء والتضحية لأرض فلسطين.
ولا نبالغ إذا قلنا "جيش نساء حماس"، وهو جيش منظم، وقد ظهر دوره جليًا وقويًّا، في دعم حركته للفوز في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2006م، وهو نفس الجيش الذي اقتحم معبر رفح الحدودي؛ لخلق رأي عام، وكسب التعاطف، قبل أن يحضر الرجال، ومعهم المتفجرات.

مشاركة فاعلة
وفي مهرجانات حماس "الإسلامية"- بخلاف فتح- وأثناء المعارك الانتخابية، وفي الجامعات والمدارس والمدن والقرى والشوارع؛ تجد نساء حماس يشكِّلن حضورًا كبيرًا ولافتًا وداعمًا، يرفعن الرايات، ويكبرن ويدعمن ويخرجن في المسيرات، ويشكِّلن وفودًا متفرقة، تزُور وتشجع وتساند، وتقيم حلقات النقاش، في البيوت والمساجد، وكثير منهن يرأسن ويُدِرْن جمعياتٍ ومدارسَ ومؤسسات خيرية إسلامية، وهي مفارقة لم يجد كثير من المراقبين لها تفسيرًا منطقيًّا؛ إذ يفترض- حسب ما يعتقد خصوم الحركة- "أن حماس أكثر تشددًا وانغلاقًا"، مقابل الحرية التي يمكن أن تُمنح لنساء فتح، وهي حركة تؤكد دومًا على حق المرأة في المساواة ودروها القيادي.

ولعب جيش نساء حماس دورًا بارزًا في العمل الجهادي والمقاوم جنبًا إلى جنب مع الرجال؛ فأصبحت خط الدفاع الثاني بعد رجال القسام، وخطًّا ممولاً ومساعدًا في الاجتياحات، فالمرأة التي كانت تدفع بابنها وزوجها وأخيه وتوجهه نحو العمل الجهادي هي مثل المجاهد القسامي.

الاستشهادية ريم الرياشي

ونفَّذت ريم رياشي أول عملية تفجيرية نسائية لحماس في يناير 2004م، وكانت مفاجأة، وقال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس وزعيمها الروحي- تعقيبًا على العملية-: "إن عهد جهاد المرأة الفلسطينية قد بدأ".

واتسع الدور النسائي الحمساوي، وأخذ أبعادًا أعمق، وأكثر شموليةً، ويقول المحلل السياسي عبد الستار قاسم في هذا السياق: "إنهم يستندون إلى تعاليم الإسلام، وهي تعاليم تشجع على العمل العام".

وحسب قاسم فإن حركة حماس "أكثر التزامًا وانضباطًا من حركة فتح، وهي أنجح في استثمار كل طاقاتها"، ويشير قاسم إلى أن حماس حركة عقائدية منضبطة، وقد نجحت في حمل نسائها على لعب دور مهم ومحوري.

وتابع "لقد بذلن جهدًا مضاعفًا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأقَمْنَ حلقاتٍ دراسيةً وإرشاديةً في المساجد والمؤسسات، ونظَّمن زيارات ميدانية للمدن والقرى والمخيمات".

ويشدِّد قاسم على وجود سببين مهمَّين من وجهة نظره في نجاح نساء حماس: التقيد بتعاليم الإسلام، والتقيد بتعاليم الحركة التنظيم، ويضيف: لا يمكن المقارنة بين فتح وحماس؛ فالأول تنظيم والثاني لا.

نساء حماس يتحدَّين ليفني
وخاطب رئيس الوزراء إسماعيل هنية خلال مهرجان الانطلاقة الحادية والعشرين نساء جيش حماس بالرد على تصريحات وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي ليفني؛ حين أكد أن التجمع الجماهيري رسالة إلى الأمريكان وبوش والكيان الصهيوني، ومن يقف في ذات الخندق، وأنهم لن ينتصروا، مخاطبًا النساء: "هذا الكلام موجَّه أيضًا إلى ليفني التي وصفها (السحبة) وإننا سنرد عليها بنساء حماس ونساء فلسطين".

تقول عضو المجلس التشريعي هدى نعيم: "إنه ومنذ نشأة الحركة في أواخر السبعينيات حرص الشيخ الشهيد أحمد ياسين على إيجاد تنظيم خاص بالنساء؛ لعلمه بأهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع"، وأوضحت أن الاهتمام بالنساء والرؤية تجاههن كانت رؤيةً إستراتيجيةً، وكان اهتمامًا ليس طارئًا أو ردة فعل، وإنما كان يخطط في أوائل السبعينيات أن يكون هناك جسم نسائيٌّ متوازن ومتكاملٌ في الأدوار.

وأكدت نعيم أنه في ذكرى انطلاقة حماس الحادية والعشرين أصبح تنظيمها النسوي من أقوى التنظيمات في العالم بأسره وليس العربي فحسب، وذلك يعود للاهتمام والاعتناء الذي طاله، وحجم التضحيات التي قدمتها المرأة للحفاظ على مبادئها وثوابتها، وأوضحت أن حجم الحركة واتساعها وانتشارها تطلَّب منها في كل مرحلة مزيدًا من الأدوات لكي تزيد من قوتها ويصبح عملها بموازاة حجمها، فدخلت المرأة في المعترك السياسي، ورشحت نفسها في الانتخابات، وهذا تطلَّب منها منابر إعلامية تحمل من خلالها رسالتها بقوة وتقدمها لكافة التوجهات.

خط الدفاع الأول

جميلة الشنطي

وأضافت: "أصبحت المرأة الفلسطينية لا تكتفي بأن يكون ابنها شهيدًا أو تقوم بدعم الزوج مجاهدًا، بل أي تجمع للأخوات المطلب الأول والذي يطالبن فيه أنهن يقولن نريد أن نشارك في الجهاد"، مؤكدة أن الدور الذي تقوم به المرأة هو دور كبير وخطير وهو الخط الأول للدفاع في وجه العدو الصهيوني.

من جهتها، أكدت النائب جميلة الشنطي القيادية في الحركة النسائية- في تصريح صحفي- أن الحركة ومنذ لحظتها الأولى فتحت الباب على مصراعيه لتكون النساء جزءًا مهمًّا في الحركة، مؤكدةً أنها لم تحدِّد كباقي الأحزاب مساحةً معينةً أو تحجم العمل النسائي، بل تركتهن يخُضن في كل المجالات ويستخدمن كل السبل، وأضافت: "المرأة تشارك في حركة حماس بالطرق الشورية والمرتبة والمنظمة داخل هذه الحركة المعطاءة، وبالتالي مثلنا مثل إخواننا حيث تواجدن في هذه المساحة".

وأكدت أن عمل المرأة في كل المجالات.. في التعليم وفي المؤسسات وفي الحركة والتنظيم، مشيرةً إلى أن الواقع الفلسطيني له ظروفه الخاصة فيما يتعلق بالظروف الأمنية لعمل المرأة، وبيَّنت الشنطي أنه في الجانب السياسي والاجتماعي لا يوجد أي تأخير في وضع المرأة، موضحةً أن هناك جوانب أمنية في عمل المرأة لفترات معينة.

وذكرت أن عملهن داخل المساجد لم يكن مجرد ندوة أسبوعية وتنتهي كما كان معمولاً بالسابق، مشيرةً إلى أن هناك برنامجًا للمسجد يطال المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية للنساء، موضحةً أن المسجد أصبح عبارةً عن علاقات اجتماعية وتواصل مع أهل المنطقة اجتماعيًّا وتربويًّا وعبر برامج تحفيظ القرآن.

وأكدت أن عمل المرأة دخل المجتمع الفلسطيني من أوسع أبوابه، فكانت هناك ثقة من هذا الجمهور، وأن الأخير كان يرى عمل النساء هو الذي يحض بناته وأسر الشهداء والأسرى، مما أعطى قوةً للحركة النسائية.

وعن عمل المرأة في الجهاد قالت الشنطي: "في الجانب الجهادية حدِّث ولا حرج، وكم هناك من شباب مجندين من كتائب القسام، ولو أن المرأة فتحت خطًا موازيًّا لجند (قساميات) لكان ثلاثة أضعاف من الرجال"، مؤكدةً على أن المرأة في الحركة النسائية ذات شجاعة وقوة.

وتابعت: "المرأة هي خط الدفاع الثاني بعد رجال القسام، ويعتبرن أنفسهن في أيام الاجتياح خطًّا مموِّلاً ومساعدًا، فالمرأة التي كانت تدفع بابنها وزوجها وأخيه وتقويه نحو العمل الجهادي فهي مثل المجاهد القسامي".

ويتضح أن حماس تقدِّر وتكرم وتُعنى بدور المرأة، وقبل الانتخابات التشريعية أصدرت الحركة بيانًا موجهًا للجماهير؛ قالت فيه "آن الأوان للمرأة الفلسطينية أن تأخذ دورها الحقيقي، وآن للمجتمع أن يقدِّر حجم تضحياتها وجهادها، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، التي تُخرج المبدعين والأبطال والشهداء وأجيال المستقبل، وستسعى حماس إلى أن يكون للمرأة دورها في المجلس التشريعي، وأن تكون إلى جانب الرجل في إدارة الصراع مع العدو، وأن تسنّ التشريعات التي تحمي المرأة وحقوقها، وستقاوم حماس محاولات تهميش دور المرأة أو تسطيحه".

لا تستهن بالمرأة الفلسطينية... Ikh1

» أجمل ما كتب عن المرأة الفلسطينية
» تحرك شبابي للعودة الفلسطينية
» المرأة الفلسطينية ودورها في الكفاح الوطني
» اسرائيل توقف تحويل اموال السلطة الفلسطينية
» الحكومة الصهيونية تأمر باستهداف رجال المقاومة الفلسطينية